فضاء الفلسفة والعلوم الإنسانية
الفلسفة  
  صفحة الاستقبال
  الفلاسفة
  الدروس
  المقالات
  => مهنة التدريس 1
  => مهنة التدريس 2
  => مهنة التدريس 3
  => مهنة التدريس 4
  => الليبرالية السياسية ومسألة العدالة 1
  => الليبرالية السياسية ومسألة العدالة 2
  => التحليل الفينومينولوجي 1
  => التحليل الفينومينولوجي 2
  => De l'importance de la ponctuation
  => نظريات النمو المعرفي والتعلم
  => نظرية المعرفة عند ابن سينا
  نماذج تطبيقية
  المنتدى
  للاتصال
جميع الحقوق محفوظة أ.أحمد أغبال2008-2009
الليبرالية السياسية ومسألة العدالة 2

الليبرالية السياسية ومسألة العدالة لدى جون راولز

 

الجزء الثاني: مراحل النمو الأخلاقي لدى راولز

وهي مراحل تشكل الإحساس بالعدالة والمشاعر الأخلاقية الموازية لكل مرحلة من المراحل النمائية الثلاث:

1.      أخلاق السلطة

2.      أخلاق التشارك

3.      أخلاق المبادئ

1. أخلاق السلطة

                          وهي أخلاق مرحلة الطفولة.

تتشكل بفعل القانون السيكولوجي الأول داخل الأسرة التي تعتبر جزءا من البنية الأساسية للمجتمع

القانون السيكولوجي الأول:

لفهم هذا القانون يجب التعرف أولا على نوازع الطفل وميوله الفطرية

v     الميل الفطري إلى تحقيق ”مصلحته الذاتية العقلانية“ rational self-interest (تحقيق الرغبات الذاتية)؛

v     لا يميل إلى حب الوالدين بالفطرة؛

v     يفتقر إلى القدرة على التسويغ: لا يدرك أهمية الأوامر والنواهي، ولا يرى ما يبرر الخضوع لسلطة الوالدين، ولا يستطيع الشك فيها وانتقادها استنادا إلى مبرر مقبول.

استنتاج:

لا يوجد لدى الطفل أي ميل فطري للامتثال للسلطة. كيف يمكن ”ترويضه“ إذن ؟

القانون الأول: المحبة تولد المحبة

محبة الوالدين لطفلهما تولد محبة الطفل لهما كرد فعل. تتجلى محبتهما له من خلال النوايا الواضحة للعناية به؛ وتتجلى له النوايا بوضوح من خلال:

  • مساعدته على تلبية ”مصالحة الذاتية العقلانية“
  • دعم شعوره بالاعتبار الذاتي وتأكيد تصوره لذاته
  • دعم رغبته في الاستقلال وفي تحمل المسئولية

والنتيجة: تشكل مشاعر وعاطفة جديدة لدى الطفل.

يمكن صياغة القانون السيكولوجي الأول بطريقة أخرى:

عندما يعترف الطفل بحب والديه له من خلال إدراكه لنواياهما الواضحة للعناية به يطمئن على نفسه لإيمانه أن أولئك الذين يمثلون السلطة في محيطه يعتبرونه شخصا جديرا بالاحترام بوصفه قيمة في ذاته. أي أنه أصبح يعتقد أن حب والديه له غير مشروط: لا يحبونه لانضباطه، بل لأن في حضوره متعة. وتكون النتيجة:

q      تنامى الشعور بالاعتبار الذاتي لدى الطفل..

q      وعن هذا الشعور ينشأ حبه لوالديه.

  تنامي المشاعر الأخلاقية لدى الطفل

تتشكل المشاعر الأخلاقية كنتيجة للقانون السيكولوجي الأول. فإذا كان الطفل يحب والديه، ويثق بهما، وحصل أن انساق مع المغريات وخرق القواعد فإنه لابد أن

q      يشعر بالذنب.

q      ويعترف بالخطأ.

الشعور بالذنب شعور أخلاقي ناتج عن القانون الأول. ويدل انعدام الشعور بالذنب على انعدام المحبة والثقة. ولكن لا يجب الخلط بين الشعور بالذنب والخوف من العقاب، لأن الخوف من العقاب لا يعتبر شعورا أخلاقيا.

2. أخلاق التشارك

إذا كانت أخلاق السلطة تتكون من القواعد والتوجيهات (الأوامر والنواهي)، فإن أخلاق التشارك تتألف من المعايير الأخلاقية والنماذج المثلى المرتبطة بالمواقع والأدوار في المنظمات الاجتماعية. تطبع هذه المعايير في نفس الفرد بواسطة مواقف الاستحسان والاستهجان الصادرة عن مراكز السلطة وأعضاء المجموعة التي ينتمي إليها (الأسرة، المدرسة..)

كيف تتشكل وتنمو أخلاق التشارك ؟

كلما تقدم المرء في السن، وانتقل من موقع اجتماعي إلى آخر، ومن دور إلى آخر، يكتسب النماذج المثلى لما ينبغي أن يكون عليه صاحب الموقع الجديد والدور الجديد: التلميذ النموذجي، الأستاذ النموذجي، الزوج النموذجي. ومع مرور الوقت، يكتسب الفرد القدرة على فهم النماذج الجديدة وتفسيرها في ضوء أهداف التنظيم، ويتشكل لديه تصور عن نظام التعاون الشمولي الذي يحدد طبيعة المنظمة ووظائفها وأهدافها

ما هي القدرات المطلوبة لاكتساب أخلاق التشارك ؟

إن اكتساب أخلاق التشارك المتمثلة في التأليف بين نماذج مثلى عديدة يتطلب توفر القدرة على رؤية الأشياء من زوايا نظر متعددة وإدراك الروابط التي تجعل منها  نظام تعاون واحد. ولا يمكن النظر إلى الأشياء من منظور الآخرين ما لم يكتسب الفرد القدرة على إدراك نواياهم ومقاصدهم ومشاعرهم؛ ذلك لأن الفرق بين الطفل والراشد هو أن الطفل تعوزه القدرة على إدراك نوايا الآخرين ومقاصدهم. إن إدراك النوايا والمقاصد والمشاعر هو ما يجعل الفرد قادرا على التحكم في سلوكه وتوجيهه وفقا لتوقعات الشركاء الذين يحتلون مواقع أخرى في المنظمة. إن القدرة على إدراك نوايا ومقاصد الآخرين تؤدي إلى تنامي الحس الخلقي وتدفع الفرد إلى الانخراط في التعاون.

القانون السيكولوجي الثاني

عندما تتحقق قدرة الشخص على إدراك مشاعر زملائه في العمل أو التنظيم الاجتماعي، وتتشكل الروابط العاطفية بينهم بحكم القانون السيكولوجي الأول، وعندما يفصح زملاؤه عن نية واضحة في العمل وفقا لما يقتضيه الواجب، تتنامى مشاعر الصداقة والثقة في الآخرين. وهذا هو القانون السيكولوجي الثاني.

وهذه صياغة أخرى للقانون الثاني:

عندما يلج المنظمة عضو جديد، ويشعر أن الأعضاء القدماء يؤدون أدوارهم وفقا للمثل العليا التي تتناسب مع مواقعهم في التنظيم، ويشعر أنهم يؤدوها بنية واضحة لإيمانهم بأن المبادئ التي يقوم عليها التنظيم عادلة ومنصفة، يكون من نتائج ذلك كله تنامي مشاعر الصداقة والثقة المتبادلة بين أعضاء المنظمة، وهذا ما يجعلهم أكثر ارتباطا بالمثل الأخلاقية المرتبطة بمواقعهم في نظام التعاون. وعندما تتعزز الروابط، تتنامى مشاعر التعاون والتشارك، ويشعر الفرد بالذنب عندما يتخلف عن أداء مهمته وهكذا تتشكل المشاعر الأخلاقية الموازية لاكتساب النماذج المثلى المرتبطة بالمواقع والأدوار في المنظمات تحت تأثير القانون السيكولوجي الثاني

بقول راولز:

”إن غياب هذه الميول [الشعور بالذنب] يدل على غياب روابط الصداقة والثقة المتبادلة“ إن الشخص الذي ينقصه الشعور بالذنب لا يحس بالعبء الملقى على كاهل الآخرين، ولا يصاب بالحرج والانزعاج إزاء شعورهم بالخيبة من نكثه للعهد وخرقه للثقة الموضوعة فيه"[1]

خلاصة

  • فكما أن روابط المحبة تنشأ في المرحلة النمائية الأولى (أخلاق السلطة) داخل الأسرة وفقا للقانون السيكولوجي الأول، كذلك تنمو روابط الصداقة والثقة بين الشركاء في المنظمات الاجتماعية خلال المرحلة النمائية الثانية.
  • في كل مرحلة توجد قوانين طبيعية تقف خلف تشكل المشاعر الأخلاقية.
  • ويدل غياب المشاعر الأخلاقية على غياب الروابط الاجتماعية الحميمة التي يقوم عليها نظام المجتمع بوصفه نظام تعاون منصف.

3. أخلاق المبادئ

إذا كان الشخص في المرحلة النمائية الثانية (أخلاق التشارك)  يبدي نية واضحة للعمل وفقا للنماذج المثلى والمثل العليا المرتبطة بالموقع الذي يحتله في المنظمة، فإن الشخص في المرحلة الثالثة يميل إلى الارتباط بمبادئ العدالة الأكثر سموا وإنصافا. فإذا كان الشخص في المرحلة الثانية يريد أن يكون أستاذا نموذجيا، فإنه أصبح الآن يرغب في أن يكون عادلا.

يقول راولز:

”إن فكرة الفعل العادل والعمل على تطوير المؤسسات العادلة، أصبح لها عنده [في المرحلة الثالثة] جاذبية شبيهة بجاذبية النماذج المثلى..“[2]

القانون السيكولوجي الثالث

حسب هذا القانون، إنه عندما تتشكل مشاعر المحبة ومشاعر الصداقة والثقة المتبادلة بمقتضى القانون الأول والقانون الثاني، يظهر الميل إلى الاعتراف بعدالة المؤسسات إذا شعر الجميع أنهم يستفيدون منها بطريقة منصفة. ويكون من نتائج ذلك تشكل وتنامي الإحساس بالعدالة

يتجلى الإحساس بالعدالة بطريقتين:

  1. يتجلى من خلاف الاعتراف بالمؤسسات العادلة، وقبول سلطتها للاعتقاد بأنها تخدم مصالح الجميع، ولذلك يسعى الجميع، كرد فعل إيجابي، إلى الحفاظ على نظامها واستقرارها، ويشعر الفرد بالذنب إذا أخل بواجباته والتزاماته إزاءها
  2. ويتجلى من خلال الرغبة في العمل من أجل بناء المؤسسات العادلة أو إصلاح المؤسسات القائمة، والرغبة في توسيع مجال تطبيق مبادئ العدالة.

ويشعر الشخص بالذنب إن هو تصرف بطريقة تناقض إحساسه بالعدالة وهنا يأخذ الشعور بالذنب معنى مختلفا عن المعنى الذي يكون له في المرحلتين السابقتين

دلالة الشعور بالذنب لدى الطفل

إن ما يميز الطفل هو عدم قدرته على إدراك النوايا والمقاصد وعلى فهم المثل الأخلاقية. ولذلك، فإن مشاعر الذنب الناشئة عن الإخلال بالمبدأ ليس لها وجود في التجارب الوجودية للطفل

دلالة الشعور بالذنب في أخلاق التشارك

تتشكل المشاعر الأخلاقية في مرحلة التشارك حول روابط الصداقة والثقة في بعض الأشخاص والمجموعات. ويتأسس السلوك الأخلاقي في هذه المرحلة على الرغبة في الحصول على رضا الشركاء وتقديرهم. إذ كثيرا ما يكون الدافع الذي يقف خلف قيام المواطنين بأدوارهم هي الروابط التي تربطهم ببعض الشخصيات المتميزة أو بالمجموعات التي ينتمون غليها، فيخشون من أن تتغير نظرتهم إليهم

دلالة الشعور بالذنب في أخلاق المبادئ

لا ترتبط أخلاق المبادئ بالرغبة في تحقيق رغد العيش أو نيل رضا الآخرين وتقديرهم. تتشكل أخلاق المبادئ بناء على تصورنا للحق بغض النظر عن العوامل العرضية، فخلال هذه المرحلة يصبح الحس الأخلاقي مستقلا عن الظروف العرضية كما هو الحال في الوضعية الأصلية التي وصفناها. يفسر الشخص في هذه المرحلة الشعور بالذنب استنادا إلى المبادئ؛ يفسره بعدم الوفاء للمبادئ. ولكن روابط الصداقة تزيد من قوة الشعور بالذنب.

وخلاصة القول:

عندما يتصرف الشخص وفقا لمبادئ العدالة، بالمعنى الكانطي للكلمة، فإنما يعبر بذلك عن طبيعته بوصفه كائنا عاقلا ومعقولا. والحقيقة أنه:

”بدون إحساس مشترك بالعدالة لن يكون لروابط الحياة المدنية وجود“[3]

 

[1] John Rawls (1971). Theory of justice, p. 471.

[2] John Rawls (1971). Theory of justice, p. 473.

[3] John Rawls (1971). Theory of justice,

 
الساعة  
   
وفقكم الله  
  أحبتي نتمنى لكم أوقاتا طيبة معنا في هذا الموقع البسيط والذي لانهدف من خلاله سوى الاسهام البسيط مما يمكن تقديمه لأبناء وطننا من دروس وملخصات من إعداد الأستاذ أحمد أغبال


 
عدد الزوار 30 visiteurs
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement