فضاء الفلسفة والعلوم الإنسانية
الفلسفة  
  صفحة الاستقبال
  الفلاسفة
  الدروس
  => الأخلاق المتعالية
  => مفهوم العدالة عند أرسطو
  => النظرية العلمية
  => مفهوم الصداقة عند أرسطو
  => وجود الأنا في علاقته بوجود الغير
  => مفهوم الشخص في فلسفة دافيد هيوم
  => مفهوم الشخص في فلسفة جون لوك
  => مفهوم الشخص في الفلسفة الديكارتية
  => مفهوم الشخص ومسألة الوعي الجزء الأول
  => مفهوم الشخص ومسألة الوعي الجزء الثاني
  => مفهوم الشخص ومسألة الوعي الجزء الثالث
  => ما الذي يميز لغة الإنسان عن لغة الحيوان ؟
  => مفهوم الشخص 1
  => مفهوم الشخص 2
  => مفهوم الحقيقة 1
  => مفهوم الحقيقة 2
  => مفهوم الحقيقة 3
  المقالات
  نماذج تطبيقية
  المنتدى
  للاتصال
جميع الحقوق محفوظة أ.أحمد أغبال2008-2009
مفهوم الشخص ومسألة الوعي الجزء الأول
مفهوم الشخص  ومسألة الوعي بالذات في الفلسفة الكانطية
أحمد أغبال
الجزء الأول
 
يتطلب فهم تصور عيمانويل كانط للشخص إلقاء ولو نظرة سريعة على نظريته في العقل والمعرفة وثورته الكوبيرنيكية في سياقها الفكري العام المتمثل في ما بات يعرف باسم "المثالية المتعالية". وسوف يتم التركيز في هذا العرض على مسألة الوعي بالذات والقضايا المتصلة بها.
التصور الكانطي للعقل
اشتهر عيمانويل كانط بأنه الفيلسوف الذي أحدث ثورة كوبيرنيكية في مجال الفلسفة: فبينما كان الفلاسفة السابقون ينظرون إلى موضوع المعرفة على أنه معطى، نظر إليه كانط على أنه بناء عقلي يتأسس على مبادئ قبلية سابقة على التجربة، أي موجودة في العقل وكأنها فطرية. وهكذا، فبينما كان الفلاسفة السابقون، من ذوي الاتجاه العقلي والتجريبي على حد سواء، ينظرون إلى موضوع المعرفة على أنه معطى، ويقدم نفسه على أنه موجود فيالواقع الخارجي في استقلال تام عن الذات العارفة، نظر إليه كانط على أنه بناء عقلي يتشكل وفقا للصور أو المقولات الموجودة في العقل. عبر كانط عن هذا التغير الجذري في النظرة إلى موضوع المعرفة بقوله:
"لقد ظل الاعتقاد السائد حتى اليوم هو أن معارفنا كلها يجب أن تتماشى مع الموضوعات وتعكسها بأمانة. ولكن كل محاولة لتوسيع معرفتنا بموضوعات العالم الخارجي من خلال إنتاج معرفة تقوم على أساس التصور القبلي لتلك الموضوعات باءت بالفشل. ولذلك وجب أن نختبر فكرة ما إذا كان من الممكن أن تحرز الميتافيزيقا على مزيد من التقدم إذا افترضنا أن الأشياء هي التي يجب أن تتماشى مع معارفنا. تنسجم هذه الفكرة أكثر مع ما هو مرغوب فيه، وهو على وجه التحديد إمكانية قيام معرفة قبلية بالموضوعات، أي تحديد الأشياء [كما هي في العقل] قبل أن تقدم نفسها على أنها معطاة" (نقد العقل الخالص
يدل مفهوم الثورة الكوبيرنيكية هنا على التغير الحاصل في طريقة تناول الموضوعات الخارجية: فبدل النظر إليها كما لو كانت موجودة في العالم الخارجي في استقلال عن مداركنا، وهو ما يترتب عنه سعي العقل إلى التلاؤم أو التطابق مع الموضوع، وجب النظر إليها في علاقتها بالذات العارفة باعتبارها مجموعة من التمثلات التي تنتظم وفقا لقوانين العقل ومنطقه المتعالي عن أية تجربة. فليس الواقع هو الذي يفرض منطقه المزعوم على العقل كما كان يعتقد الفلاسفة القدماء، بل إن العقل هو الذي يفرض منطقه المتعالي على الواقع. وهكذا، فإن مبدأ وجود الموضوع على نحو ما لا يوجد في الموضوع ذاته بل في العقل. إن بنية العالم الخارجي (الطبيعة) هي بنية عقلية قبلية: سابقة على التجربة وغير مستمدة منها، بل إن البنية القبلية هي التي تجعل التجربة ممكنة. فالموضوع الخارجي لا يكون موضوعا قابلا للمعرفة إلا إذا كان له وجود متعالي: وجود على مستوى العقل في شكل تركيبة خالصة synthèse، ومن هذا المنطلق، تنتظم المدركات الحسية التي تعبر عن التنوع الموجود في الموضوع الخارجي (الخصائص الحسية للكائنات المادية) لتشكل وحدة أو بنية متكاملة وفقا لتلك التركيبة القبلية. يتحدد الفعل المعرفي، من وجهة النظر هذه، بأنه القدرة على تركيب المعطيات الحسية لتأخذ شكل وحدة كلية يكون لها معنى بالنسبة للذات العارفة. إن المعرفة هي التركيب، إنها بناء عقلي للواقع تقوم به الذات العارفة.
لقد نقل كانط مركز الثقل في الاهتمامات الفلسفية من الموضوع إلى الذات العارفة: فلا وجود للموضوع إلا بوجود الذات. هذا هو معنى الثورة التي أحدثها كانط في مجال الفلسفة: الذات باعتبارها أصل الوجود، ذلك الوجود الذي يمكننا معرفته، وهو عالم الظواهر الذي تربطنا به ملكة الحدس الحسي، إنه العالم كما يبدو لنا. أما وأن يكون هناك عالم قائم بذاته في استقلال عن مداركنا، فهذا ما ليس لنا به علم. ولذلك يظل وجوده بالنسبة إلينا وجودا افتراضيا، أو لنقل مجرد فكرة. ومما يترتب عن ذلك أن قيام المعرفة يستلزم توفر شرطين: أولهما الاتصال بالموضوعات الخارجية بواسطة الحواس، وثانيهما توفر القدرة على التركيب بين المعطيات الحسية وفقا لمقولات العقل القبلية الموجودة في ملكة الفهم. فالمعرفة التي لا تستند على معطيات حسية تبقى فارغة ولا جدوى منها، والمعطيات التي لا تنتظم وفقا لقوانين العقل تبقى خالية من المعنى أو عمياء حسب تعبير كانط. وهكذا، فإذا كانت "الطبيعة هي الوجود المحدَّد للأشياء وفقا لقوانين كونية" (كانط) فإن هذه القوانين لا وجود لها إلا في العقل؛ يبدو وكأن العقل لا يعثر على القوانين في الطبيعة، بل إن العقل هو الذي يسن للطبيعة قوانينها. يمكن القول بعبارة أخرى: إن القوانين الطبيعية لا توجد في الطبيعة بل في العقل على مستوى ملكة الفهم entendement. ومما يترتب عن ذلك أن موضوع العلم الطبيعي ليس هو الطبيعة ذاتها، بل الطبيعة كما تبدو للذات العارفة. ليس بوسعنا، إذن، أن نعرف الطبيعة كما هي في ذاتها؛ كل ما يمكن معرفته منها هو ظواهرها المتجلية في إطار المكان والزمان باعتبارهما مقولتان عقليتان قبليتان. فكيف تتحقق المعرفة بظواهر العالم ؟ كيف يشتغل العقل؟ ماذا يمكنه وماذا لا يمكنه أن يعرف ؟ وبعبارة واحدة، كيف يتصور كانط العقل ؟
لعل أهم ما يميز المشروع الفلسفي الكانطي عن جميع الفلسفات السابقة هو تصوره للعقل، وهو تصور ينسجم مع النظرية الوظيفية ونظريات علم النفس المعرفي التي تبلورت خلال القرن العشرين. فالعقل في نظره هو مجموعة من القدرات التي تؤدي وظائفها في إطار الزمان والمكان؛ وتتمثل الوظيفة الأساسية في معالجة المعطيات الأمبريقية من خلال تنظيمها وفقا لبعض المفاهيم العقلية غير المستمدة من التجربة. إن إنتاج المعرفة يتطلب إذن توفر شرطين ضروريين وهما: المعطيات الحسية والمفاهيم. ولما كانت المعطيات الحسية تتميز بالكثرة والتنوع وجب التأليف بينها في إطار تركيبات تلم شتاتها من خلال إقامة علاقات بينها. وفي محاولته لإعادة بناء الوقائع التجريبية يقوم العقل بثلاثة أنواع من التركيب تتفاوت في درجة تجريدها: وأولها التركيب الذي ينتج البنيات الزمنية والمكانية من خلال إدراج المعطيات الحسية ضمن مقولتي الزمان والمكان القبليتان؛ ويتحقق المستوى الثاني من التركيب من خلال الربط بين بنية زمنية ومكانية معينة وبين بنية زمنية ومكانية أخرى، ويتحقق ذلك من خلال إعادة إنتاجهما على مستوى ملكة الخيال.في شكل تركيبة واحدة وهي التمثل أو الصورة. يتم الاشتغال في هذه الحالة على البنيات التي تتألف من المعطيات التجريبية من أجل إعادة إنتاجها في تركيبة واحدة على مستوى الخيال. وأما المستوى الثالث من التركيب فيتمثل في تعقل البنيات التي شيدتها ملكة الخيال من خلال إدراك علاقاتها انطلاقا من مفاهيم العقل ومقولاته القبلية ، ومن ثمة، تحويلها إلى معرفة عقلية.  
إن معالجة المعلومات وتنظيمها يستلزم، إذن، القيام بثلاثة أنواع من التركيب:
1)     تركيب المعطيات الحسية وفقا لمقولتي الزمان والمكان، ويتحقق على مستوى ملكة الحدس الحسي؛
2)     إعادة إنتاج البنيات الزمنية-المكانية على مستوى الخيال من خلال إقامة علاقات بين عناصرها لتشكل صور أو تمثلات، ويتحقق ذلك على مستوى ملكة الخيال؛
3)     التعرف على العلاقات التي تربط تلك البنيات أو الصور بعضها ببعض واستعمال المفهوم المناسب للتعبير عن طبيعة العلاقة القائمة بينها، ويتحقق ذلك على مستوى ملكة الفهم.
يمكن القول في ضوء ما سبق بأن الوظيفة الأساسية للعقل تكمن في القدرة على التركيب، وبأن اشتغاله بهذه الطريقة هو الذي يمكن من تفسير ظواهر الكون وبيان أسبابها وقوانينها. ومما يترتب عن هذا التصور أن الأفكار التي لا تستند على المعطى التجريبي، مهما بدت منطقية، لا يمكن اعتبارها معرفة، وستظل مجرد أفكار فارغة، خالية من أي مضمون معرفي. إن المعطى التجريبي ضروري لقيام المعرفة، وعند غيابة لا يمكن الحديث عن المعرفة. فالأفكار التي لا تستند على المعطى التجريبي لا يمكنها أن تقدم لنا أية معرفة بالعالم، إنها مجرد أفكار.
وأما طريقة كانط في معالجة الموضوعات التي تصدى لها فهي طريقة تسمى عنده بالمنهج المتعالي، وهو منهج يهدف قبل كل شيء إلى استنتاج الشروط الضرورية لقيام التجربة. ينطلق هذا المنهج من مصادرة تقول بوجود عناصر معرفية وآليات عقلية قبلية غير قابلة للملاحظة تمكن من تفسير الظواهر الملاحظة. وهذا ما يسمى عنده بآليات الاستدلال المتعالي أو المنطق المتعالي الذي استنتج منه مجموعة من المعارف القبلية. وخلص إلى وجود بعض المقولات والمبادئ القبلية (=السابقة على التجربة) الضرورية لقيام التجربة، ونظر إلى هذه المعارف القبلية على أنها حقائق تتميز بكونها ضرورية وكونية، ولا يمكن التوصل إليها عن طريق التجربة بل بواسطة منهجه المتعالي الذي يقوم على نوع من الاستنتاج المنطقي inférence.
وخلاصة القول إن العقل البشري لا يمكنه أن يعرف إلا ما تسمح به العناصر القبلية التي تندرج ضمن تشكيلة العقل الخالص وملكاته (ملكة الحدس الحسي وملكة الفهم)، والمقصود بذلك ظواهر الكون الموجودة في إطاري الزمان والمكان. وأما عالم النومينات (الأشياء في ذاتها) التي تقع خارج حدود الزمان والمكان فلا سبيل إلى معرفتها في نظره.
ومن هنا يمكن أن نطرح من جديد ذلك السؤال الكانطي المشهور، بالنظر إلى الإنسان هذه المرة: ماذا يمكننا أن نعرف، وماذا لا يمكننا أن نعرف بخصوص الإنسان وعوالمه الداخلية، أي الإنسان باعتباره ذاتا ؟ وأما ما يبرر طرح هذا السؤال، الذي يبدو أبعد ما يكون عن الفلسفة النقدية، فهو البعد الميتافيزيقي للإنسان، وهو ما عبر عنه كانط بقوله: إنني أومن بوجود "الله وحرية الإرادة والاختيار والخلود"، ولكنه اعترف بعدم قدرة العلم على معرفة هذه الأمور.
مسألة الوعي بالذات في الفلسفة الكانطية
ما السبيل إلى سبر أغوار النفس الإنسانية ؟ إن السبيل إلى ذلك في نظر كانط هو المنهج المتعالي والبرهان المتعالي. ينطلق هذا المنهج من افتراض مفاده أن العقل الخالص ينطوي على بعض العناصر القبلية التي يمكن أن نستنتج منها ما يمكن وما لا يمكن أن يكون. وعلى هذا الأساس قدم لنا تصوره الوظيفي للعقل: فالعقل عنده هو نظام يؤدي مجموعة من الوظائف المتمثلة في تنظيم المعلومات بواسطة ثلاثة أنواع من التركيب.
ولما كان التفكير في بنية العقل يعني التفكير في الذات، كان لابد من إيجاد سند أو مبرر لمثل هذا النشاط المتجه نحو الذات، لاسيما وأن المعرفة، في نظر كانط نفسه، هي دائما معرفة بموضوع ما من خلال توسط الحواس. هناك من بين المفسرين لفلسفة كانط من يرى أنه لم يكن بوسع هذا الفيلسوف إلا أن يسلم بوجود "الوعي بالذات" aperception، وأن يجعل منه نقطة انطلاق عملية الاستنباط المتعالي .déduction transcendantale وهناك من يفسر الأخذ بهذا المبدأ استناد إلى تصور كانط لما يسميه بـ"التجربة الشمولية" التي تشمل جميع المدارك الحسية وتتوحد عندها جميع المعارف.
يمثل الوعي بالذات، في نظر كانط، قدرة من قدرات العقل المتعالية التي تمكن من التأليف بين جميع مظاهر الوجود وتوحيدها في إطار تجربة شمولية واحدة؛ إنه بعبارة أخرى تلك القدرة التي تؤلف بين جميع التركيبات المعرفية أو التمثلات في إطار وحدة متعالية. ذلك لأن التمثلات لا يكون لها معنى بالنسبة للفرد إلا بوجود وعي واحد تتوحد فيه تلك التمثلات فينبثق عنها معنى عام. وهذا ما جعل كانط يعتبر وحدة الوعي خاصية أساسية من خواص العقل البشري، إنها الذات العارفة التي بدونها لا يكون للموضوع وجود ولا للتمثل معنى. فالتمثل الذي تم بناؤه انطلاقا من المعطيات الحسية المنظمة لا يمثل شيئا فحسب، بل يمثله بالنسبة لشخص ما. ويدل مفهوم الوعي الذاتي عند كانط على وعي الفرد بكل ما يقوم به من أفعال ويخوض من تجارب، ويدل مفهوم وحدة الوعي على الوعي في لحظة واحدة بعدد كبير من الأفعال أو التجارب.
وإذا كان مفهوم الوعي بالذات يحيل إلى نشاط الذات ووظائفها وأفعالها، فهل يمكن تشكيل فكرة عن الذات نفسها، عن بنيتها وماهيتها ؟ هل يمكن التعرف على خواصها الجوهرية مثلما زعم ديكارت ؟
استعرضنا بنوع من التفصيل فيما سبق شروط قيام المعرفة في نظر كانط، وتتلخص في ضرورة توفر الجهاز المعرفي على ملكة الحدس الحسي التي تجعلنا على اتصال بموضوعات العالم الخارجي، وملكة الفهم والقدرة على التركيب. وفي مقابل الحس الخارجي (الحواس)، يطرح كانط وجود حس داخلي على صلة بتجاربنا الداخلية أو الروحية. فهل باستطاعة الحس الداخلي أن يمدنا بمعلومات (معرفة) عن خ 
الساعة  
   
وفقكم الله  
  أحبتي نتمنى لكم أوقاتا طيبة معنا في هذا الموقع البسيط والذي لانهدف من خلاله سوى الاسهام البسيط مما يمكن تقديمه لأبناء وطننا من دروس وملخصات من إعداد الأستاذ أحمد أغبال


 
عدد الزوار 23 visiteurs
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement